مقدمة
من بين المجالات العلمية التي بزغت إبان العصر العباسي علمي الطب والصيدلة، ويرجع ذلك إلى الترجمة التي بلغت في العصر العباسي شأنًا عظميًا منذ خلافة أبى جعفر المنصور الذي كلف "جورجيس بن بختيشوع النسطورى" بتعريب كتب كثيرة في الطب عن الفارسية، وتوارثت أسرته بعد ذلك الترجمة والتأليف والتدريس. ويعتبر عهد الخليفة المأمون العصر الذهبي لازدهار حركة الترجمة والإنفاق عليها بسخاء، وقد برز في مجال الترجمة والتأليف "أبو يعقوب يوحنا بن ماسويه" الطبيب المسيحي الدمشقي، الذي عهد إليه الرشيد بترجمة الكثير من كتب الأطباء والحكماء مثل: "أبقراط"، و"جالينوس"، وغيرهما وخلف "يوحنا" تلميذه حنين بن إسحاق العبادي الملقب بشيخ تراجمه العصر العباسي. ولم يقتصر تأثير حركة الترجمة العلمية على إثراء المكتبات والمدارس بجل تراث القدماء، ولكن التأثير ظهر في صورة أهم من ذلك، وهى استيعاب القديم، والانطلاق بخطى سريعة إلى عهد جديد في التأليف الطبي. وبلغ التأليف بعد ذلك قمته كمًا وكيفًا بفضل عدد كبير من المبرزين في علوم الطب تميزوا بغزارة إنتاجهم، وعظمة ابتكاراتهم، وسلامة منهجهم وتفكيرهم.
الحركة العلميّة في العصر العباسي
ازدهرت الحركة العلميّة في العصر العباسيّ، حيث شهدت تطوّراً كبيراً في شتّى العلوم والميادين، ويرجع ذلك إلى ظهور عددٍ كبيرٍ من العلماء والأدباء والمفكّرين، وأيضاً بسبب اهتمام الخلفاء العباسيين بالترجمةِ وانتشارها على نطاقٍ واسع، إضافةً لما سبق فقد شهد العصر العباسي توسّعاً في التعليم بشكلٍ عام، حيث تم إنشاء العديد من المدارس والمؤسّسات التي تُعنى بالثقافة كدور الربط والعلم بالإضافة للمساجد.
أشهر علماء العصر العباسي
ظهر في العصر العباسي العديد من العلماء الذين ذاع سيطهم عالياً، وكان لهم الأثر الكبير في التقدّم العلمي في ذلك الوقت، ويُذكر أنّ هؤلاء وغيرهم الكثيرون من العلماء والأدباء قد تُرجمت العديد من مؤلّفاتهم لعدة لغات أهمها اللغات الأوروبيّة، وكان لتلك المؤلفات شأنٌ كبير في النهضة الأوروبيّة الحديثة، ومن هؤلاء العلماء:
الخليل بن أحمد الفراهيديّ، أحد أشهر علماء اللغة والشعر والأدب وعلم العروض والنحو.
الجاحظ أحد علماء البلاغة والأدب.
الأصمعيّ أحد علماء اللغة والأدب.
الإمام أبو حنيفة بن ثابتٍ الكوفي، وهو أحد علماء الفقه.
القاضي أبو يوسف أحد علماء الفقه.
المسعودي، والذي برز في الجغرافيا.
أبو الحسن بن الهيثم والذي برز في الفيزياء والرياضيات.
محمدٍ بن موسى الخوارزمي، والذي برز في علم الجبر.
جابر بن حيان وقد برز في الكيمياء.
أشهر شعراء العصر العباسي
وقد ظهر العديد من الشعراء في هذا العصر، ومنهم:
- · أبو العتاهية.
- · عباس بن الأحنف.
- · أبو تمامٍ الطائي.
- · البحتري.
- · المتنبي.
- · الشريف الرضي.
- · أبو العلاء المعري.
- · أبو نواس.
- · أشهر مؤرّخي العصر العباسي
- · محمد بن جرير الطبري.
- · اليعقوبي.
أثر التطوّر العلمي في العصر العباسي
ظهر أثر التطوّر العلمي في العصر العباسي جليّاً في إنشاء العديد من المدارس، والتي كان من أهمها:
المدرسة المستنصريّة، تقع هذه المدرسة في الجهة الشرقيّة من مدينة بغداد، وتمتد المدرسة على ضفة نهر دجلة، وقد شيّدها الخليفة العباسي المستنصر بالله، وتُعدّ هذه المدرسة أقدم جامعةٍ على صعيد العالم، وتتنوّع بها أساليب الدراسة كالعلوم الدينيّة، والعلوم التطبيقيّة وغيرها.
المدرسة النظاميّة، وهي أول مدرسةٍ تم تشييدها في العصر العباسي، وشيّدها الوزير السجلوقي نظام الملك، والذي عُرف عنه حبّه للعلم، ومن أهمّ مدرّسي المدرسة الإمام الغزالي، وقد عرج عليها الرحّالة ابن جبير، والذي وصفها قائلاً بأنّها أعظم المدارس في بغداد.
القصر العباسي (المدرسة الشرابيّة)، والتي تُعدّ من أبرز معالم العصر العباسي، والتي لا تزال شاخصةً حتى يومنا هذا في مدينة بغداد، حيث يعتقد الباحثون أنّ هذه المدرسة تنسب للخليفة العباسي الناصر لدين الله، أما البعض الآخر فيعتقدون أنّ الذي شيّد هذه المدرسة هو شرف الدين إقبال الشرابي.
وهناك العديد من المدارس والصروح العلميّة التي تم تشييدها في العصر العباسي كالمدرسة العصمتيّة، والمدرسة المرجانيّة، ومدرسة سابور بن أردشير، التي كانت تُعتبر أول مدرسةٍ تم افتتاحها للفقهاء، ولم يقتصر تلقي العلوم في المدارس، وإنما كانت تُعقد الحلقات العلميّة المختلفة في هذا العصر، كحلقة المتكلّمين وغيرها.
أسباب تطور الحركة العلمية:
على الرغم من الانحلال السياسي الذي أصاب الدولة العباسية في العصر العباسي الثاني إلا أن الأدب شعرا ونثرا ظل مزدهرا وذلك لوجود عدة عوامل منها
حرص الخلفاء على نقل العلوم عن الحضارات الأخرى كالفارسية والهندية واليونانية
تشجيع الترجمة ودراسة هذه الآثار وتحليلها والإضافة عليها ، ولم يكن العرب مجرد ناقلين.
ازدهار الثقافة الدينية والاهتمام بالتفسير وعلوم الحديث.
ازدهار العلوم اللغوية وظهور مدرستي البصرة والكوفة في النحو والاهتمام بالنقد الأدبي - ظهور تيار جديد في الشعر العربي، يسمى مذهب المحدثين ،أحدث نوعاً من التجديد في منهج بناء القصيدة العربية ،وأكثر من البديع
سمات الأدب في هذا العصر
النضج العقلي والعلمي
اهتمام الحكام بالعلم والثقافة والفن والأدب
تعدد الحواضر الأدبية من مثل القاهرة ودمشق وحلب وقرطبة - التنافس الشديد بين الدويلات ومنافستها بعضها البعض في جذب الشعراء والعلماء والأدباء والفنانين
التنافس الشديد بين الشعراء وذلك ليحظوا بالمكانة المرموقة
ظهور فلتات في الشعر والأدب كالمتنبي وأبى العلاء المعرى
أهم الحواضر:
الحواضر التي ازدهرت فيها الحركة العلمية:
كان عصر العباسي يموج بالحركة العلمية، والنشاط الثقافي، والذي لم يتأثر بالانقلابات السياسية التي كانت تحدث في حركة الدولة، وكان الازدهار العلمي يمشى قُدما إلى الإمام، يموج بالحركة والنشاط، وشهدت فترة المعتضد، وهي امتداد لفترة عمه وأبيه، تألق عدد كبير من النابهين في اللغة والأدب والتاريخ والجغرافيا والحديث، يأتي في مقدمتهم "الحافظ بن أبي الدنيا" المتوفّى (281هـ = 894م) صاحب "حلية الأولياء"، و"المبرد" اللغوي المشهور المتوفى (285هـ = 894م) إمام النحاة في عصره، وصاحب كتاب "الأمل"، و"ابن واضح واليعقوبي"، المتوفَّى (292هـ = 905م)، وكان من أكابر مؤرخي عصره، ونبغ "ثابت بن قرة" الرياضي المشهور، وابن الفقيه الهمداني الجغرافي، وكلاهما قد تُوفي في سنة (287هـ = 900م).
ولمع في مجال الشعر كوكبة من أعظم شعراء العربية، مثل: "ابن الرومي"، المتوفّى سنة ( 283هـ = 896م)، الذي اشتهر بقدرته على توليد المعاني وابتكار الأخيلة الجديدة، و"البحتري" المتوفى سنة (284 هـ = 897م) صاحب الديباجة الشعرية الرائعة، والموسيقى العذبة الجميلة المكتبات في العصر العباسي مع امتداد الفتوحات الإسلامية اطلع العرب والسلمون على حضارات الأمم السابقة وترجموا ما استطاعوا إليه سبيلا" فألفوا وأبدعوا حتى أنتجوا للعالم اجمع حضارة لا يزال العلم الحديث يرتكز على قواعدها والمبادئ التي سارت عليها .
وكان نتيجة ذلك ازدهار حركة التأليف والترجمة وإنشاء المكتبات في مختلف أرجاء العالم الإسلامي لأغراض مختلفة ، وأصبحت المكتبات تحوي عشرات الآلاف من المجلدات والمخطوطات ، وفي هذا الصدد تقول ( زيغريد هو نكه ) في عام 891م بلغ عدد دور الكتب في بغداد وحدها اكثر من مائه دار
الـــخــــاتــمــة
وفي الأخير يمكن القول ان العصر العباسي هو العصر الذهبي الحقيقي في الجانب الفكري والعلمي حيث ظهرت في هذا العصر مختلف العلوم علمية كانت أو أدبية كالفلسفة، الترجمة ، وغيرها من العلوم ومن الخلفاء الذين اهتموا بالعلوم والمعارف نذكر منهم الخليفة المنصور والمأمون والرشيد حيث سخروا كل ما لديهم من إمكانات من أجل هذا المجال في النصف الأول من العصر العباسي وتعد بغداد مكان ظهور مختلف العلوم التي تدرس اليوم في مختلف بقاع العالم كما يؤرخها الباحثون والعلماء
Tags
مستوى ثانوي